بقلم: عميد دكتور إبراهيم الدهراوي.
رغم أني لم أكن أنتوى فتح هذا الملف الآن، ولكن بسبب استفزازات بعض لجان الإخوان وخسّه التعليقات التي تحاول تصوير أي مشهد سياسي أو اجتماعي على أنها محاولة من الأحزاب أو الحكومة للسطو على مؤسسة أو نقابة او مشروع، ولأني لست من النوع الذي تُرهبني فكرياً هذه التعليقات الرخيصة التي تعكس سوء أدب وأخلاق، ولست أهتم بمن يشق عن قلبي ويسيء الظن بي، ولأني أيضاً أقبل التحدي أقول التالي :-
قسم أستاذهم حسن البنا الناسَ من حيث دعوتهم إلى أربعة أقسام:« مؤمن، متردد، نفعي، متحامل».
وقال عن وصف المؤمن من وجهة نظره:”شخص آمن بدعوتنا وصـدق بقـــولنا وأعجب بمبادئنا، ورأى فيهــا خيراً اطمأنت إليه نفسه، وسكن له فؤاده “.
أي أن الإيمان من وجهة نظره ليس بالله وبرسوله ولكن هو الإيمان بدعوته وصدقه ومبادئه التي ينسبها إلى الإسلام، فإن خضعت لها أيها المواطن المصري فأنت من وجهة النظر الإخوانية مؤمن، وإلا تكون متردداً أو نفعياً أو متحاملاً، ويجب أن ترى فيها خيراً حتى تكون مؤمناً كما جاء في تعريف المؤمن، حتى وإن صدمك تاريخ ونتائج ممارساتهم السياسية منذ نشأة الجماعة حتى الآن، إذن يجب أن ترى فيهم خيراً يا عزيزي – غصب عنك – حتى تحصل على التصنيف، مؤمن ! وتصبح موافق.
” الآن أيضا تستطيع قياس موقفك من قرارات الجماعة منذ تنحي الرئيس مبارك حتى ثوره الشهب التي ساندها الجيش والشرطه في 3 يوليو لتحدد ان كنت متردداً أو نفعياً أو متحاملاً “، ولكن ليس هذا بالأمر الأهم الآن، ولكن لكل حادثةٍ حديث!
المدهش؛ هو كيف يمكن الحكم على إنسان ما، حكماً قاطعاً ونهائياً من حيث الإيمان ولم ينقطع عمله من الدنيا بعد، ألم يسمع البنا أثناء دراسته حديث الرسول (ص): ” إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها».
أي أن صاحب الرسالة العصماء الذي لا ينطق عن الهوى لم يَفترض في نفسه القدرة على تقسيم البشر من حيث الايمان برسالة السماء – وليس رسالة البنا – ولم يقسم الناس من حيث دعوته ، التي هي صحيح دعوة الإسلام ، لأنه يعلم أن الله هو مقلب القلوب وكان يقول ” اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ”
فهل أصدق الرسول أم أصدق البنا ؟؟
أما من قسم الناس من حيث الإيمان ، هو فقط رب القلوب سبحانه ، حين قسمهم في قرآنه إلى ثلاثة أقسام – وليس أربعة – وهم السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، وهذا تقسيم جزاء وعطاء في دار الحق وليس تصنيف عنصرية ومعاملات وانعكاسات في الدنيا ، يكون له تأثير على الحقوق والواجبات والانتماءات – حيث يضمن دستور النبي ( ص ) في المدينة حق المواطنة للجميع و ليس بناء على أي تقسيمات للبشر من حيث الإيمان لا سيما ان كان هذا التقسيم من ناقص فان !! أم يُفترض في استاذكم البنا الكمال والخلود حتى يضطلع على خواتيم الأعمال !!!!
فكيف إذن قسم أستاذكم البنا القلوب إلى أربعة وأصدر فيها حكما قاطعا بين مؤمن ومتردد ونفعي ومتحامل ، وهل أتم الرسول (ص) رسالته أم انتظر البنا كي يتمها له بتقسيم البشر وتصنيفهم من حيث الدعوة التي وصفها بأنها ليست حزباً ولا جمعية ولكنها فكرة وعقيدة!
إذن هي عقيدة تصنيف البشر وتقسيمهم كما فعل الأسبان في محاكم التفتيش، من يدري ؟؟
وأخيراً، اللهم أمتنا على الاسلام ولا ندعو كما دعى أحدهم بأن يميته على الإخوان!
هذا غيض من فيض، وإن عدتم عدنا.