قرية ميت غزال تهدي القصر الملكي لأقوى قارئ قرآن و رئيس دولة التلاوة. 

6 Min Read

كتب: وفاء سعيد وندى سلامة.

المولد والنشأة.

ولد الشيخ مصطفي اسماعيل في قرية ميت غزال، مركز السنطه، محافظه الغربيه في 17يونيو 1905م، الموافق(شهر ربيع الثاني 1323ه‍)، حفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز الثانية عشرة من العمر في كُتاب القريه.

تطور الشيخ مصطفى إسماعيل.

التحق الشيخ مصطفى إسماعيل بالمعهد الأحمدي في طنطا ليتم دراسة القراءات وأحكام التجويد والتلاوة، وأتم تلاوة وتجويد القرآن الكريم بالقراءات العشر وراجعه 30 مرة على يد الشيخ إدريس فاخر، ولم يتجاوز 16 عامًا، ويعتبر معجزة في التلاوة في مصر والعالم أجمع؛ فهو صاحب أسلوب متميز وبديع وصاحب مدرسة فريدة من نوعها في مجال تلاوة القرآن المرسم وكان يركب النغمات والمقامات في تلاوته بشكل يفاجئ المستمع ويثير إعجابه، وكان ينتقل بسلاسة من نغمه إلى أخرى، وكان يعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، ويستخدمها في الوقت المناسب وبشكل مناسب؛ فقد استطاع بصوته الذهبي أن يمزج بين علم القراءات وأحكام التلاوة، وعلم التفسير، وعلم المقامات مزجًا لم يسبق له مثيل فكان ينتقل بسامعيه من عالم الدنيا إلى عالم تسوده الروحانيات، وقد وهبه الله القدر من استحضار حجة القراءات في صوته وثبها في أفئده المستمعين لاستشعار جلال المغني القرأني.

انطلاقة الشيخ مصطفى إسماعيل.

ذهب الشيخ مصطفى إسماعيل للإقامة بطنطا، ومن هنا سجلت الإنطلاقة الحقيقية لموهبته، عندما وصل جثمان السيد حسين بك القصبي من اسطنبول إلى طنطا، وخرجت طنطا كلها تستقبل الجثمان في محطة القطار بالمدينه، ثم خرج الشيخ مصطفى إسماعيل ليستقبل الجثمان أيضًا، ويوم العزاء دعاه أحد أقارب السيد القصبي للقراءة بالعزاء وكان عمره 16 عامًا، وأراد الله أن يسمعه جميع الناس من المديريات وجميع أعيان مصر وذهب إلى السرداق الضخم المقام لاستقبال الأمير محمد على الواصي على عرش الملك فاروق، وسعد باشا زغلول، وعمر باشا طوسون، وأعيان مصر وأعضاء الأسرة المالكة في ذلك الوقت، وحضر العزاء أيضًا أعيان الاسكندرية، وبورسعيد، وجميع أعيان الكتب المصري ولم يكن هناك أي مكبرات صوت فقرر أن يسمع السرداق كله صوته.

ثم اشتهر الشيخ مصطفى إسماعيل في جميع أنحاء محافظة الغربية، والمحافظات المجاورة قبل أن ينصحه أحد أصدقائه بالذهاب إلى القاهرة ليجرب خطه هناك وقد سنحت له الفرصة  بتلاوة القرآن الكريم في احتفال كبير بعد أن تغيب الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.

واشترك أيضًا في رابطه القراء، وكان عنده ليلة في المولد النبوي في الحسين، فدعوه فقرأ نصف ساعه، وكان فيها ناظر الخاصة الملكية مراد حسين باشا، فأرسل لمدير الغربيه يطلبه، وذهب له السرايا فطلب منه أن يحضر مصر في ذكرى الملك فؤاد 28 أبريل، ووقع معه عقدًا وحضر الليلة، وكان شاه إيران في الليلة، ومن هنا توالت الحفلات الملكية التي أحياها الشيخ مصطفى إسماعيل، بعد فرمان من الملك فاروق بتعيينه قارئا للقصر الملكي.

ذروة الشيخ مصطفى إسماعيل.

ذهب الشيخ مصطفى إسماعيل إلى القاهرة والتقى بأحد المشايخ الذى استمع إليه واستحسن قراءته، ثم قدمه ليقرأ فى احتفال تغيب عنه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى لظرف طارئ وأعجب به الحاضرون، وسمعه الملك فاروق وأعجب بصوته وأمر بتعيينه قارئا للقصر الملكي، على الرغم من أنه لم يكن قد اعتمد الإذاعة، زار الشيخ مصطفى إسماعيل 25 دولة عربية وإسلامية، وقضى ليالي شهر رمضان وهو يتلو القرآن الكريم، كما سافر إلى جزيرة سيلان وتركيا وماليزيا و تنزانيا وزار أيضا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وزار الشيخ مصطفى اسماعيل مدينه القدس 1960م، وقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى في إحدى ليالي الاسراء والمعراج.

كان الرئيس محمد أنور السادات من المحبين لسماع صوت الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى أنه كان يقلد طريقته فى التلاوة عندما كان السادات مسجونًا، لذلك اختاره ضمن الوفد الرسمى لزيارته للقدس سنة 1977م، وهناك قام للمرة الثانية بقراءة القرآن في المسجد الأقصى.

تكريمات الشيخ مصطفى إسماعيل.

نال الشيخ مصطفى إسماعيل على العديد من الأوسمة والتكريمات، فقد حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من جمال عبد الناصر خلال احتفالية عيد العلم 19 ديسمبر 1965م، وعلى وسام الأرز من لبنان 1958م، ووسام الفنون 1965م، ووسام الإمتياز من الرئيس الراحل حسني مبارك 1985م، ووسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا، ووسام الفنون من تنزانيا.

وفاة الشيخ مصطفى إسماعيل.

وفى يوم 22 ديسمبر سنة 1978م، بعد أن انتهى الشيخ من قرائته في دمياط وهو فى طريقه إلى قريته، طلب منه التوجه إلى الإسكندرية، وعندما وصل الشيخ إلى منزله تحدث بمرح مع الخادمة وزوجها، ثم صعد لغرفته وظنت الخادمة أنه نائم ولكنه دخل فى غيبوبة، وتم نقله إلى المستشفى وعرف الجميع بتأخر حالته، وتذكروا رؤيته التي قد رآها فى أحد ليالي رمضان وهي «أنه توفى ودفن فى وسط فيلته فى قريته فى ميت غزال» وقد حكاها لعائلته حينها وأشار لهم الى هذا المكان الذى دُفن فيه، فذهب شقيقه «عبدالعزيز إسماعيل» صباح يوم 26 ديسمبر 1978م إلى الرئيس السادات فى بلده الأصلية ميت الكوم لأخذ التصريح ببناء القبر لشقيقه، وفعلًا تم بناء المقام بأمر من الرئيس السادات، وشيعت الجنازة من جامع عمر مكرم صباح يوم 27 ديسمبر، وشيعت جنازته من جامعه المقام ببيته يوم 28 ديسمبر ودفن فى قبره المقام بأمر الرئيس.

Share This Article
- Advertisement -