جسّد رحلة تحدي مختلفة، ليؤكد للجميع أن ذوي الهمم ليسوا في مكان بعيد عما يحدث في المجتمع وفي العالم، وأن الاختلاف يولّد السعي والطموح، ليصبح متفردًا بكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحقق ما لم يستطع أحد من أقرانه تحقيقه.
مصطفى نوفل 22 سنة، ابن مركز كفر الزيات التابع لمحافظة الغربية، والذي اقتحم مجال الأزياء والرياضة متحديًا إعاقته، رغم كونه من أصحاب متلازمة داون.
ولادته
وعن ولادته، قالت إيمان أحمد الصباح والدة مصطفى «للغربية نيوز»: ” شوفت زي ملاك بيطوف حواليا بس انا كنت الأول مفكراها تهيؤات من البنج، وسمعت الدكتور بيقول أنه مش طبيعي واكتشفنا بعد كده أنه مصاب بمتلازمة داون“.
وتابعت: ”ناس كتير نصحتنا وقتها وقالتلنا أنه منحاولش نهتم بيه، وقالولنا كده كده مش هيبقى سند لينا في اللحظة دي افتكرت الملاك اللي كان حواليا واعتبرتها إشارة من ربنا أنه هو دا الملاك بتاعي وخدت الموضوع بطاقة إيجابية، وبقيت لمصطفى طاقة نور“.
تعليمه
وعن تعليمه قالت والدته: أنه في الوقت الحالي قد انتهى من مرحلة التلمذة وفيه طريقه للالتحاق بكلية السياحة والفنادق، وأكدت أن وصوله لهذه المرحلة لم يكن بالأمر السهل، بسبب افتقار القرى وبعض المراكز لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة، وأضافت أنها تمكنت فيما سبق بعد مراسلات ومقابلات مع الجهات المختصة بالمحافظة ووزارة التربية والتعليم من تخصيص مبنى كامل تابع لمدرسة لأصحاب الهمم، وأشارت أنه وبرغم ذلك لازالت هناك العديد من المشاكل المتعلقة بالتعليم لذوي الاحتياجات الخاصة و بالمضمون الذي يقومون بدراسته“.
بدايته على مواقع التواصل الاجتماعي
أشارت والدته أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور كبير في إظهار “مصطفى” للمجتمع وتسليط الضوء على ذوي الهمم، حيث أوضحت أن بدايته كانت في سنة 2010 وانطلاقته الفعلية بسبب فيلم وثائقي قاموا بتصويره هو وإخوته ووالدهم بعنوان ”لا للتنمر“، وذلك لتوعية الناس في تعاملهم مع ذوي الاحتياجات الخاصة، ولقي الفيديو العديد من الاعجابات والمشاهدات، وكان قد شارك بهذا الفيلم في مسابقة، وفاز فيها بالمركز الأول على مستوى 36 دولة.
بطل رياضي
وعن اكتشاف موهبته الرياضية، قالت إيمان الصباح أن مصطفى كان طفلًا ذكيًا جدًا، وكان مهتمًا بنفسه منذ صغره سنه، فكات يأكل ويهندم ملابسه، ويضع العطور، كما كان يتمتع بجسد رياضي، وعلى الرغم من عدم وجود إمكانيات كافية أو ملاعب مهيأة لذوي الهمم إلا أنه استطاع الحصول على بطولة الجمهورية في الكرة الخماسية، وكذلك في الوثب الطويل وتنس الطاولة والجري، وأضافت أنها كانت تشرف على تدريبه بنفسها، وبذلوا مجهودًا كبيرًا ليثبت نفسه.
أول موديل من ذوي الهمم
وقالت إيمان أن مصطفى يتمتع بملامح مختلفة ويحب الظهور أمام الكاميرا وأضافت أن العديد من الناس أشادوا بحضوره وقالوا: ”عنده كاريزما وينفع في التمثيل“ الأمر الذي جعله يحب التصوير بشكل أكبر، فكتبت عبر حسابها على فيسبوك أنها تتمنى أن يصبح مصطفى موديل، وبالفعل فوجئت بتواصل العديد من براندات الملابس معها للإستعانة بمصطفى في تصوير أحدث تصميماتهم وتسليط الضوء على ذوي الاحتياجات الخاصة، وانتشرت الصور على مواقع التواصل ومنذ هذا الوقت أصبح مصطفى أول موديل لذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن جانبه قام أحد المصورين باقتراح فكرة مختلفة وقام باختيار مصطفى لعمل جلسة تصوير ”فوتو سيشن“ بالزي الفرعوني، ونشر الصور أثناء احتفالية قادرون باختلاف، الأمر الذي تسبب في ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت والدة مصطفى: ” الصور انتشرت بشكل كبير جدًا لدرجة أنها وصلت لوزير السياحة واللي اعتبر مصطفى منشط للسياحة وكان عاوزه يكون معاه“.
تكريمه في احتفالية «قادرون باختلاف» من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريم ”مصطفى“ باحتفالية قادرون باختلاف في 2019، وأكدت والدته أن المهندسة أمل مبدي رئيس الاتحاد الرياضي للإعاقات الذهنية هي من قامت بترشيحه للتكريم لكونه أول موديل من ذوي الهمم، وأشارت أن مصطفى كان في قمة سعادته لمقابلة الرئيس وتمنى مقابلته مرة أخرى لأنه بالفعل خير نموذج للأب الحنون.
جائزة «الأوسكار»
وعن حصوله على جائزة الأوسكار أكدت والدته أنه حصل على جائزة الأوسكار في الإبداع الفني خلال مشاركته في أوبريت «تسلم الأيادي» بالإضافة إلى تكريمه من د.هالة عبد السلام خفاجي وكيل وزارة التربية والتعليم للموهوبين وتكريمه من محافظ الغربية آنذاك.
وقالت إيمان الصباح «للغربية نيوز»: ”نفسي مصطفى يكون موديل لبراندات ملابس خارج مصر، ونفسي يعيش حياة عادية لأن انا معيشاه كده بس المجتمع مش معيشينه كده، نفسي الناس يكون عندها وعي بالاختلاف، نفسي يكون في القرى الصغيرة اماكن لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وكمان نفسي يكون فيه أنشطة لأطفال ذوي الهمم بحيث تنمي مواهبهم، لأن أنا تعبت جدًا عشان أوصل مصطفى لهنا وكنت في ضهره دايمًا وبحس أن أنا طاقة نور لأولياء الأمور“.