“التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة“، فيسدل الستار على قضية ليزيح عن أخرى، فتتشابه الجرائم وتتباين الضحايا، ليخلق ”سفاح“ جديد بشكل مختلف، وبرغم اختلاف دوافع القتل، إلا أن المحصلة النهائية هي وجود جريمة، والمدان هنا قاتل متمرس.
وفي هذا الصدد يبقى فصل هام من فصول الجريمة مبهم، حتى تُكشف الحقيقة على هيئة صدفة تتسبب في فضح الجرائم، وينتهي به الحال أمام حبل المشنقة.
أثارت قضية القاتل «قذافي فراج عبد العاطي عبدالغني» والمعروف إعلاميًا بـ”سفاح الجيزة“ الرأي العام في الفترة الأخيرة، والتي كانت قضيته حلقة وصل لجريمة مر عليها أكثر من 10 سنوات والتي وصفها البعض بأنها ميلاد جديد «للتوربيني»، وهو أشهر قاتل متسلسل، قبض عليه بتهمة ”اغتصاب الأطفال ثم قتلهم“، وذلك بمساعدة تشكيل عصابي إجرامي، وتم الحكم عليه بالإعدام في سنة 2010م.
من هو «التوربيني» وما قصته؟
كان «رمضان عبد الرحيم منصور» أو ما يعرف إعلاميًا بـ «التوربيني» من مواليد 1980م، بمدينة طنطا محافظة الغربية، وذاع سيطه في الفترة مابين 2006، وحتى 2010، وذلك بسبب انحرافه عن مسار الآدمية، ليكون بذلك قاتلًا متسلسلًا، وزعيمًا لعصابة إجرامية متخصصة في اغتصاب الأطفال ثم قتلهم، حيث بلغت عدد ضحاياه 32 طفلًا، وذلك بالإشتراك مع عصابته المكونة من ”أحمد سمير“ وشهرته «بوقو» 16 سنة، و”محمد عبد العزيز “ وشهرته «السويسي» 17 سنة، وبعض المساعدين الآخرين، ووصل عدد ضحاياهم إلى 24 طفلاً خلال الفترة من مايو 2004 حتى نوڤمبر 2007.
اعترافاته عن حالته النفسية.
وكان من ضمن اعترافاته أنه عندما بلغ 12 من عمره، كان يعمل بإحدى كافتيريات سكة الحديد بمدينة القاهرة، حتى وقع في قبضة بلطجي يدعى «عبده توربيني»، وأكد «رمضان» من خلال أقواله أن البلطجي استولى على نقوده ثم هتك عرضه وقام بإلقائه من أعلى القطار فسقط على قطعة من الحديد مما تسبب في إصابته بعاهة مستديمة في وجهه، وكان ذلك سببا لإصابته بعقدة نفسية، واستعار اسم «التوربيني» فيما بعد وقرر أن ينتقم من المجتمع ككل.
وكانت بداية الكشف عن هذه العصابة في يوم الاثنين الموافق 27 نوڤمبر 2006، حيث عثر عدد من العاملين بمحطة مترو أنفاق شبرا الخيمة على جثة طفل داخل سرادب أسفل المحطة، وقاموا بالتواصل مع الجهات الأمنية التي تواجدت في مكان الحادث على الفور، وتبين من المعاينة بعد ذلك أنه هيكل عظمي لطفل، وعثر بعد ذلك على جثة أخرى لطفل في العقد الثاني علي شريط السكة الحديد في الإسكندرية وكشفت التحريات أن الجثة ألقيت من فوق أحد القطارات، وبعدها تم العثور على جثة لطفل ثالث ألقي من فوق صهاريج السولار بمحطة السكة الحديد في طنطا.
وطلب حبيب العادلي وزير الداخلية «في ذلك الوقت» تشكيل فريق بحث من ضباط الإدارة العامة للأحداث بوزارة الداخلية والذين توصلوا بدورهم أن وراء هذه الجرائم عصابة تتكون من عدد من الأطفال، فألقي القبض على «بوقو» كأول فرد في العصابة، حيث كان يقيم في منطقة شبرا الخيمة بالقليوبية، وأدلى المتهم أقواله أمام رجال المباحث لتكشف أسرار العصابة، حيث قال أنهم يستدرجون الأطفال من الشوارع، ويقوم « التوربيني» بربطهم على ظهر القطار بملابسهم الداخلية ويعتدون عليهم جنسياً ويقومون بقتلهم بإلقائهم من فوق القطارات، فتمر من فوقهم حتى تتشوه معالمهم.
إنهاء قصة التوربيني وإعدامه.
وتم ضبط «السويسي» بعد ذلك في طنطا حيث أدلي باعترافاته، وذكر أنه اشترك في قتل 8 أطفال في طنطا ودمنهور والقاهرة والقليوبية والإسكندرية وباقي المحافظات، وسقط بعد ذلك «التوربيني» 26 سنة، حيث اعترف بارتكاب جميع الجرائم المذكورة، وأيّد اعترافات شركائه، وذكر بأن نشاطه في قتل الأطفال بدأ منذ 7 سنوات، ولا يذكر فعليًا عدد الجرائم التي ارتكبوها وأوضح أنها لا تقل عن 32 جريمة ومن الصعب التوصل إلي أماكنها جميعاً، فتم بعدها الحكم عليه بالإعدام في سنة 2010.
لم تنتهي قصة «التوربيني»، وفي صباح كل يوم جديد يخلق سفاح آخر، لتنتهي بعد ذلك قصته بالزي الأحمر وحبل الإعدام، ولازالت الناس تتسائل ما إذا كان مجرمًا، أم كان «التوربيني» ضحية المجتمع والأمراض النفسية.