- يحمل الفن بين طياته نورًا من عصر إلى آخر، ومن خشبةِ الـ88 سنة، بدأ متنفس الفن، لينقل لنا التاريخ عبر حقباته الزمنية أسمى وأعرق المسميات والجمل التي انطلقت من أحد أكبر ثلاث مسارح مصرية، والذي يعد منارة ثقافية كبيرة، حيث وقف عليه فطاحل السياسة والفنون، وتم تصميمه في بداياته بشكل مصغر لدار الأوبرا المصرية.

مسرح طنطا يجمع كوادر الأدب وفطاحل الفن والسياسة على خشبته.
”مسرح طنطا“، أحد أهم رموز التاريخ المصرية، وأبرز البنايات الأثرية بمدينة طنطا محافظة الغربية، والذي جمع كوادر الفن والسياسة على خشبة واحدة، من ستينات القرن الماضي وحتى الآن، حيث استهلّ ”طليمات“ فيه أحد أشهر الجمل من مسرحياته قائلًا: “ستأتين زاحفة إلى خيمتى يا فرجينيا”، وأبدى الفنان يوسف وهبي شدة إعجابه بالمسرح وقال: “لو كان بإمكانى أن أنقل هذا الصرح إلى القاهرة لفعلت”، وخطب عليه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وتغنت عليه كوكب الشرق السيدة أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، والمطرب محمد فوزى ووقفت على خشبته الفنانة هدى سلطان، والقديرة أمينة رزق، وزكى طليمات، وسميحة أيوب.

صمم مسرح طنطا في القرن الماضي كنموذج مصغر لدار الأوبرا المصرية، على الطراز الإيطالى بواسطة مهندس إيطالي حيث احتوى على خمسة كتل معمارية تتناغم فيها النسب فى الارتفاع وحجم الكتلة تبعاً للمستخدم داخلياً، ليفتتحه رئيس وزراء مصر الأسبق مصطفى النحاس باشا عام 1936م، ونقلت تبعية المسرح إلى الثقافة الجماهيرية (هيئة قصور الثقافة حاليا)، بناء على قرار محافظ الغربية الأسبق محمد وجيه أباظة، رقم 24 لسنة 1961م، وفى عام 2002 أصدر الدكتور فتحى سعد محافظ الغربية القرار رقم 1782 لسنة 2002 بالموافقة على تخصيص مسرح طنطا للهيئة العامة لقصور الثقافة.
توقف المسرح عن العمل وإعادة ترميمه.
وشهد المسرح في ذلك الوقت عروضاً مسرحية وحفلات غنائية لنجوم زمن الفن الجميل، وما لبث إلا أن تحول فيما بعد لمجرد ذكرى بعد توقف نشاطه عن العمل منذ عشرات السنين بسبب الاهمال ونقص الامكانات وبدعوى خضوعه لأعمال الصيانة والترميم لما يقارب من 17 سنة بتكلفة وصلت لـ50 مليون جنيه، وانتهت أعمال الصيانة به سنة 2016، لتفتتحه بعد ذلك الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة آنذاك تزامنًا مع احتفالات مصر بالذكرى الخامسة لثورة 30 يوليو 2013، وليمثل المسرح بعد ذلك شرياناً جديداً للثقافة والفنون فى قلب الدلتا، والذي أسهم فى إثراء الحياة الثقافية والفنية في الغربية، لتعود الحياة إلى المركز الثقافي في طنطا «مسرح بلدية طنطا سابقاً».

البناء المتميز لمسرح طنطا.
وتميزت خشبة مسرح طنطا الثقافي بالاتساع والزخارف المتنوعة، والتي أضفى إليها الطابع الايطاني شيئًا من الاختلاف، بعد مسرحي الأوبرا الخديوية وسيد درويش، بالإضافة إلى تشييده بثلاثة طوابق بنظام (البناوير)، واحتوائه على 6 مخارج للطوارئ بخلاف المدخل الرئيسى، والذي يتكون من ثلاثة طوابق هى البوابة الرئيسية ثلاثية الفتحات وتؤدى إلى صالة الاستقبال بمساحة تقدر بـ 700 متراً مربعاً وتحتوى على باب رئيسى ومدخل يمين وآخر لليسار يفضيان إلى البناوير ومن ثم إلى كواليس المسرح.
والجدير بالذكر أن المسرح يتسع لأكثر من 500 كرسى، ومزود بوسائل تهوية وإضاءة وأجهزة إنذار للتأمين ضد الحرائق، كما يضم المبنى مكتبة متخصصة في فنون المسرح والموسيقى والتراث الشعبى وكذلك قاعة لتدريب فرق الفنون الشعبية والمسرحية كما يضم قاعة فنون تشكيلية وجاليرى للمعارض الفنية، وقاعة المسرح الرئيسية وقاعة تكنولوجيا المعلومات وقاعة كبار الزوار.
ولذلك أصبح مسرح طنطا أحد أهم الآثار التاريخية والثقافية والحضارية بمحافظة الغربية، وأحد أهم رموز الأدب والفن والسياسة، لينطلق انطلاقة مختلفة من بعد ركوده لسنوات، ويصبح متنفس الفن ورمزًا من رموز محافظة الغربية.