أتابع بعض ما يسمّى ( مطربي الراب والمهرجانات ) في هذا الزمن الأغبر الرديء ، أصبحت الساحة لهم ، وخاصة مطربي المهرجانات والراب الذين يتمتعون بجهل لا يوصف ، ولكنهم باتوا نجوما ، وأصحاب ملايين من الدولارات ، من خلال أغان هابطة تجد الملايين من المشجّعين والمستمعين .
أستطيع ببساطة تأليف أغان هابطة لا تساوي ( نكلة ) وأحشد جمعا من المراهقين والمراهقات يرقصون ويغنّون ويصرخون ، يالها من حياة فيها الكثير من الحريّة والبذخ والترف والضحك على عقول البسطاء ، سأسافر لإحياء حفلات صاخبة في عمّان والقاهرة وشرم الشيخ ودبي وليالي الرياض وربما المغرب العربي أيضا .
نعم ؛ هذه هي الحياة ، سوف أتحوّل لمطرب مهرجانات ، فشاكوش ليس بأفضل منّي ، وكذلك ويجا وأوكا وويجز ودونجل وغيرهم ، ولكن تبقى المشكلة في اختيار إسم جديد لي يلائم مرحلتي القادمة ، سأختار إسم .. ميحا أو باكيرا على وزن شاكيرا ما غيرها !
كل شيء في حياتنا يتغير نحو الأردأ والأسوأ .. ونحن جزء من هذه الحياة ، فاعذروني أيها السادة ، فقد فقدت كل أمل في حياة ملؤها الكرامة والحريّة الحقيقية ، فنحن أمّة استساغت المزيد من الذلّ والهوان ، وهذا ما جعلني أتحوّل لمطرب مهرجانات وراب .. وطوربنبيطة فهل سأنجح في خطوتي الرهيبة القادمة ؟!
ما يوكّد صحة كلامي اننا نعيش في زمن مسخ عبثي ، خروج مطرب يدعي ويجز ولا اعلم من هو ومن اين اتي ؟! ، ولكن أستطاع بذكاء ان يلفت الأنظار له من خلال افتعال ازمة مع الفنان المبدع رامي صبري لينتقد ما قاله رامي عن حقيقه واضحه وتساءل عن نوعيه الفن الذي يقدمه هذا الويجز ومن علي شاكلته ليخرج فلته زمانه معترضا علي استفسار المطرب المحترم رامي صبري قائلا : أنه “لا يصح أن يقول عليه أحد أنه لا يقول شيئًا فى أغانيه”، موضحًا أنه يقدم محتوى غرضه الترفيه، فهو ليس مطالب بأن يقول شيئًا، وتابع أنه “لا يفهم معنى كلمة أن أحد متخصص في الموسيقى، فالمجال والعمل فيه ليس أصعب شيء في الحياة”، مشيرا إلى أنه يصفق لنفسه على بعض أغانيه لأنه كتبها جيدا، فهو يكتب لنفسه ويلحن لنفسه
تابعت مثل الالاف من المتابعين ما كتبه الزميل الكاتب والإعلامي الكبير محمد فودة عبر صفحته الشخصية معبرا عن غضبه واستياءه الشديد هو الاخر من تصريحات هذا الويجز الذي اراد ان يصنع نجومية مزيفه ولو علي حساب فنان استطاع ان يدخل القلوب منذ الوهله الأولى
تغريده الزميل فودة، تعكس مدي الوعي لدي الكثيرون الذين يرفضون سياسة الامر الواقع ومحاوله فرض واقع يرفضه العقل والمنطق.
اذً بعد هذا الرد الوضح فنحن امام معاول الهدم التي تتخذ من الإنكار ديانة ومن دفن الرؤوس في الرمال عقيدة تتعامل مع المشهد العام وكأن “المهرجانات” موسيقى القلة المندسة وأصحاب الأجندات المتآمرة. الملحن المصري المشهور حلمي بكر يصف “المهرجانات” بأنها كارثة وتدمير للذوق العام، والأفضل لمن يؤديها أن يعمل “حرامي” (سارق) من أن يؤدي مثل هذه الأغنيات. حتى من يحاولون شرح وتحليل هذه الظاهرة الفنية المثيرة للجدل في ضوء نظريات تدني الذوق وانعدام التعليم وانتشار الجهل، فإن هناك من يرى – وبينهم بكر- بأنه ليس هناك ثقافة للجهل حتى يكون لـ”توك توك” وبيئته ثقافة تمثله.
الارتباط الطردي المفترض بين التوسع الكمي لسكان قاعدة الهرم الطبقي والصعود الصاروخي لنوعيات من الفنون وبينها موسيقى وأغنيات المهرجانات ارتباط صحيح، لكنه لا يشرح الظاهرة برمتها. النشاة التاريخية لموسيقى المهرجانات تشير إلى إنها ظهرت على السطح في منتصف الألفينيات
تعبير فات على كل من لا يدخر جهداً في صب الغضب العارم وتوجيه النقد اللاذع لمنظومة “المهرجانات” أن يدقق فيما وراءها وينظر إلى ما تمثله. المهرجانات مرآة لقطاع عريض في المجتمع ترفض القطاعات الأخرى أن تراه. بل فاتهم أن يلتفتوا إلى أن الأفراح التي يحضرونها وأعياد الميلاد التي يقيمونها باتت قائمة على تلك الأغنيات. “خطر جديد يهدد الذوق العام”، و”سلام على الطرب الأصيل والفن الجميل” و”مؤدو المهرجانات خطر على الأمن القومي والذوق العام”، و”زمن المسخ وأغاني المهرجانات”. قوالب ثابتة وعناوين جامدة ومحتويات سابقة التعليب تطالع الجميع عبر الصحف والمجلات والمواقع الخبرية والبرامج التلفزيونية. النظرة الفوقية ماهيتها، والتعامل الطبقي قوامها، والازدواج في المعايير سمتها