في زمن تهاوت فيه المبادئ كأوراق الخريف، وارتقى فيه الأقزام إلى مقاعد العمالقة، يخرج إلينا نموذج متجرد من كل قيمة أو خُلق، يزحف كالأفعى بين المواقف، ويلبس لكل مرحلة قناعًا جديدًا، لا عن قناعة، بل بحثًا عن مصلحة أو طمعًا في نفوذٍ لم يكن يومًا أهلًا له.
شاب ثلاثيني، متدني الفكر، ملوث النوايا، حليف للشيطان في كل صفقة وعهد، يمارس الانتهازية كأنها عقيدة، يضع يده في يد من يدفع أكثر، ويبيع من كانوا بالأمس حلفاءه دون لحظة تردد. بالأمس كان يلعن الدولة ومؤسساتها، واليوم يهلل لها بأعلى صوت، ليس ولاءً، بل تجارةً رخيصة بأحبال متينة من النفاق.
قدّم فروض الطاعة لأطراف كانت بالأمس القريب عدوّه اللدود، وتآمر على من وثقوا به، ليس عن نضج أو إدراك، بل خوفًا من سقوطه في الهاوية التي حفرها بيديه. بالأمس شتم رجلًا واصفًا إياه بأبشع الصفات، ثم في اليوم التالي، احتضنه بوقاحة منقطعة النظير، ليس حبًا، بل لإزاحة عدوٍ آخر من المشهد، ذاك العدو الذي كان أقوى منه عقلًا وأصدق منه موقفًا.
لكنه لم يكتفِ بذلك، بل صار وحشًا جائعًا، لا يكتفي بالخداع والمؤامرات، بل امتدّت يده إلى أرزاق الناس، ناظرًا إليهم بعين الحقد، ساعيًا لحرمانهم من لقمة العيش، وكأنه شيطان بوجه إنسان، يحمل في داخله كل صفات الخِسّة والدناءة، يشبه في سلوكه أولئك الذين يبيعون أوطانهم لأعدائهم بثمنٍ بخس.
وما يثير العجب ليس كونه مسخًا سياسيًا مشوهًا، فقد اعتدنا على أمثاله، ولكن المثير هو بقاء بعض القيادات الأمنية والسياسية داعمةً له، رغم كونه نموذجًا للفشل على المستويين العملي والتاريخي، ورغم كونه متسلقًا لا يعرف سوى الصعود على أكتاف الشباب الذين يتاجر بأحلامهم. كيف لمثل هذا النموذج أن يظل متصدرًا؟ كيف يتحول “الهلهولة” إلى صانع قرار؟
انتظروا الجزء الثاني: “كلب السادة رغم فشله وعلاقته بزينهم السلحمار!”