انور ابو الخير يكتب : زعيم مصر لا يعرف المساومة على أمن وطنه

7 Min Read
ktab

 

زعيم مصر لا يعرف المساومة على أمن وطنه يرسم معادلة الردع ويعيد تعريف العدو وخرج الصوت القوي للرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة الدوحة صوتاً محملًا بالثوابت الوطنية بالكرامة وبالوعي الاستراتيجي العميق
لم تكن كلمته مجرد خطاب دبلوماسي بل كانت رسالة ردع واضحة المعالم تحمل جوهر عقيدة الدولة المصرية لا مساس بالأمن القومي لا تفريط في السلام المشروط بالاحترام ولا قبول لعدوان يهدد الأمة
كلمة الرئيس في القمة لم تهز فقط قاعة المؤتمر بل امتدت أصداؤها إلى الإعلام العبري لتعيد للأذهان صدى «صوت الرعد من القاهرة» في الستينيات الصحافة الإسرائيلية وعلى رأسها معاريف اختارت الكلمة العبرية איים أي “هدد” لتصف موقف السيسي مؤكدة أن القاهرة لم تعد تتحدث بلغة المجاملات بل بلغة الإنذارات ومن خلف السطور انكشف ارتباك إسرائيلي عميق يعكس إدراكهم أن مصر عادت لتحدد قواعد اللعبة وأن اتفاقية السلام لم تعد حائطا صامتا بقدر ما هي ورقة بيد القاهرة تلوح بها ساعة الخطر
وأن ما تفعله مصر من دعم الأشقاء ليس محل صدفة وإنما دعم عبر العصور فمصر دائما مركز الثقل السياسي والعسكري والثقافي لامتلاكها القدرة على توحيد الصف العربي والإقليمي في مواجهة أي عدوان أو تهديد خارجي وشعارها أمن المنطقة جزء لا يتجزأ من أمن مصر وهو ما ظهر بوضوح بعد التعدى على قطر حيث اعتبرته تعد على الأمن القومي العربي وما يجب الانتباه إليه أن هناك حرب نفسية من قبل الاحتلال بهدف تشويه الإساءة للرموز العربية وذلك لتحقيق أغراض خبيثة تخدم أهدافهم التوسعية وهو ما ظهر جليا بعد مشاهد الاصطفاف العربى والإسلامى فى قمة الدوحة وكذلك الحديث عن رؤية عربية وإسلامية مشتركة لتحقيق التعاون الأمر الذى يزعج إسرائيل دائما لأن ببساطة إسرائيل وفقا لاستراتيجاتها ترفض إقامة أو تدشين أى تحالف فى المنطقة ولكن في كل مرحلة يمر
بها عالمنا العربي يظهر قادة يكتبون التاريخ بمواقفهم لا بخطبهم وفي القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة كان الرئيس عبد الفتاح السيسي هو الصوت الأعلى دفاعا عن الكرامة العربية والدرع الحامي لسيادة الأمة في مواجهة اعتداءات إسرائيلية تجاوزت كل حدود المنطق والقانون
لم يكن خطاب الرئيس السيسي موجها فقط إلى الزعماء العرب الحاضرين بل كان رسالة مباشرة إلى إسرائيل والقوى الكبرى
الرسالة الأولى إلى إسرائيل أن مصر والعرب لن يقبلوا استمرار العدوان أو التوسع وأن أمن المنطقة خط أحمر
والرسالة الثانية إلى العالم أن ازدواجية المعايير لم تعد مقبولة وأن تجاهل الحقوق الفلسطينية سيظل مصدرا للفوضى والاضطراب ليس في الشرق الأوسط وحده بل في النظام الدولي كله وحملت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي رسائل واضحة لا تعرف المواربة لتشكل حدثا في حد ذاتها ورسخت صورة القائد الذي يتحدث باسم شعبه وأمته في آن واحد
والميزة الجوهرية في خطاب الرئيس السيسي تكمن في قدرته على الجمع بين الواقعية السياسية والموقف المبدئي فهو لم يتحدث بلغة انفعالية عاطفية قد تفرح الجماهير لحظة وتخبو بعدها بل تحدث بلغة المسؤول الذي يعرف أبعاد المشهد الدولي وتشابكاته ومع ذلك لم يفرط في الثوابت بل أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي وفرض سياسة الأمر الواقع لن يقود إلى سلام ولا استقرار
هنا تبرز قوة الخطاب وضوح الرؤية ودقة التحليل وصلابة الموقف في ظل ما تشهده المنطقة من أزمات اقتصادية وصراعات داخلية خيل للبعض أن القضية الفلسطينية فقدت بريقها وتراجعت أولويتها على الأجندة العربية لكن كلمة الرئيس السيسي جاءت لتكذب هذه التصورات إذ أكد أن القضية لا تزال هي جوهر الصراع وأن أي محاولة لتجاوزها أو الالتفاف عليها محكوم عليها بالفشل
أعاد الرئيس وضع فلسطين في قلب النقاش وأكد أن العرب لن يقبلوا بتصفية قضيتهم المركزية تحت أي مسمى وكلمة الرئيس السيسي لم تكن مجرد نص سياسي بل كانت انعكاسا لوجدان الأمة العربية والإسلامية فهو تحدث بلسان كل مواطن عربي يشعر بالغضب من الانتهاكات الإسرائيلية وباسم كل أم فقدت ابنا أو عائلة شردت من بيتها
هذه اللغة الإنسانية الصادقة جعلت خطابه يتجاوز حدود القاعة ليصل إلى الشارع العربي وليعيد للمواطن العادي شيئا من الثقة في أن هناك قادة ما زالوا يحملون همومه على أكتافهم
فمصر لم تغب يوما عن ساحة الدفاع عن القضايا العربية فمنذ عام 1948 وهي تمثل حجر الزاوية في صياغة الموقف العربي من القضية الفلسطينية
واليوم مع تولي الرئيس السيسي قيادة البلاد تعود القاهرة لتؤكد أنها لم ولن تتراجع عن مبادئها الثابتة
ما قاله الرئيس السيسي في الدوحة لم يكن خروجا عن هذا السياق التاريخي بل كان استكمالًا لدور ممتد ولكنه أتى أكثر وضوحا وحزما في وقت يتطلب فيه العرب قيادة رشيدة تعيد الاعتبار لقضيتهم المركزية
ولم تكن كلمة الرئيس السيسي مجرد أداء لواجب دبلوماسي بل أرى فيها لحظة قيادة حقيقية اختار أن يرفع الصوت عاليا وأن يضع إسرائيل أمام مسؤوليتها وأن يطالب المجتمع الدولي بتحمل تبعات مواقفه المتخاذلة وهذا ما يميز القائد القائد يصنع الموقف
إن ما أعلنه الرئيس السيسي في الدوحة يعكس إدراكا عميقا لدور مصر ومسؤوليتها التاريخية فمصر ليست مجرد دولة كبقية الدول بل هي مركز ثقل حضاري وسياسي ودورها في الملف الفلسطيني ليس خيارا تطوعيا بل واجب يفرضه موقعها الجغرافي وتاريخها العريق
لقد كان الرئيس السيسي في خطابه يعبر عن هذا الإدراك وعن استعداد مصر لتحمل عبء القيادة في وقت قد تراجعت فيه أصوات أخرى
أن الرئيس السيسي لم يكن في تلك اللحظة مجرد رئيس لدولة كبرى بل كان ضمير أمة بأسرها لقد قال ما عجز كثيرون عن قوله وأثبت أن العروبة لا تزال حية في قلوب قادتها الكبار ومن هنا فإن خطابه في الدوحة لن يسجل في محاضر القمة فقط بل سيظل علامة فارقة في تاريخ المواقف العربية
ولا شك أن كلمات السيسي ستترك أثرا يتجاوز القاعة التي أُلقيت فيها فالقمة قد تشكل بداية لمرحلة عربية أكثر جدية إذا ما استجابت بقية الدول لنداء مصر المستقبل لن يكتب بالبيانات فقط بل بالأفعال
لكن ما قدمه السيسي هو الشرارة التي يمكن أن تشعل وعيا عربيا جديدا يرفض الاستسلام للواقع المفروض ويسعى لبناء موقف موحد
لقد أثبتت قمة الدوحة أن المواقف تصنع التاريخ أكثر مما تصنعه التحالفات والاتفاقيات وكان موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي درسا في القيادة والصلابة والصدق
لقد أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام ووضع إسرائيل أمام حقيقة أن العرب ما زالوا قادرين على رفع صوتهم وذكر العالم بأن تجاهل العدالة لن يجلب إلا المزيد من الأزمات ودليلًا على أن مصر ما زالت وستظل حامية للكرامة والحق والسيادة

Share This Article
- Advertisement -