ليست فلسطين ورقة في مهب الريح بل قضية حق لا يسقطها تقادم ولا تطمسها مؤامرات في عالم تتسارع فيه المتغيرات وتستبدل فيه القيم بالمصالح يراهن البعض على أن القضية الفلسطينية ستذوب في زحمة الأحداث أو أن الزمن كفيل بتآكلها من الذاكرة الجمعية للأمة هؤلاء بكل بساطة واهمون
فالقضية الفلسطينية لم تكن يوما تفصيلا هامشيا في التاريخ العربي والإسلامي بل هي جوهر الصراع بين الحق والباطل بين الاحتلال والمقاومة بين من يملك الأرض ومن جاء غريباً مدججا بالسلاح والدعم الغربي لاغتصابها منذ النكبة عام 1948 لم يكن الشعب الفلسطيني مجرد ضحية بل كان رمزا للصمود مدرسة في النضال وصوتا لا ينكسر في وجه آلة الاحتلال والخذلان لم يتوقف عن التمسك بأرضه ولم يتنازل عن هويته رغم محاولات الطمس والتزييف والترهيب والترغيب
إن الحق في فلسطين ليس مجرد مطالبة عاطفية بل هو حق مؤصل في التاريخ مثبت في الجغرافيا ومحمول في ضمير الشعوب الحرة من البحر إلى النهر كل شبر من أرض فلسطين يشهد على حق سلب وعلى قضية عادلة لا يمكن نسيانها أو القفز فوقها وفي القانون الدولي لا يسقط الحق بالتقادم
فكيف يسقط حق شعب كامل في أرضه؟
كيف يمكن للزمن أن يمحو وطنا؟
إن من يعتقد أن مرور السنوات سينهي القضية الفلسطينية لا يفهم شيئا عن طبيعة الشعوب الحرة ولا يدرك أن الاحتلال مهما طال عمره هو كيان طارئ وعابر وزائل أما من يراهن على اتفاقيات التطبيع أو مؤتمرات التصفية أو مشاريع التهجير الناعمة فعليه أن يراجع حساباته لقد جربت كل وسائل الإخضاع من الحصار والتجويع إلى الحروب المفتوحة ولم تنكسر إرادة الفلسطيني لأنه لا يدافع عن مجرد حدود بل عن كرامة وحق ومقدسات القدس ليست للمساومة والدولة الفلسطينية ليست خيارا بل مصير محتوم القدس التي يحاول الاحتلال تهويدها وفرض وقائع زائفة فيها ستظل العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية ليست شرقية ولا غربية كما يروج البعض بل قدس عربية إسلامية خالصة في وجدان الأمة
وما الدولة الفلسطينية إلا تعبير طبيعي عن هذا الحق دولة على كامل التراب الوطني الفلسطيني دون نقصان أو تجزئة ودون القبول بمشاريع الأقلمة والتدويل والبدائل المرفوضة دولة لا تمنح منة بل تنتزع نضالًا ودما وتضحيات رغم كل محاولات التضليل الإعلامي والانشغال بالصراعات الهامشية لم تغب فلسطين عن ضمير الشعوب بل كلما اشتدت المؤامرة عادت لتتصدر الوجدان الشعبي في كل مظاهرة في كل هبة في كل شعلة أُوقدت
تعود فلسطين لتقول للعالم أنا هنا لم أمت ولم أختف أنا الحق الذي لا يطمس حتى الأجيال الجديدة التي ولدت في الشتات أو في ظل الاحتلال تربت على أن فلسطين ليست مجرد وطن مفقود بل هي مشروع تحرير ومعركة وجود وراية ستبقى مرفوعة حتى زوال الاحتلال وتاريخ الشعوب يعلمنا أن المحتل لا يدوم وأن الغزاة مهما بلغت قوتهم ينتهون إلى مزابل التاريخ من الاستعمار البريطاني إلى الفرنسي لم يثبت احتلال على أرض إلا وانكسر أمام صلابة الشعوب وفلسطين ليست استثناء
والاحتلال الإسرائيلي بما يملكه من ترسانة عسكرية ودعم دولي سيزول ليس لأنها أمنية بل لأن هذه هي سنة التاريخ لأن هناك شعبا لا يعرف الاستسلام يورث حبه لأرضه من جيل إلى جيل ويصنع من كل رصاصة وكل حجر وكل كلمة معركة تحرر لا تهدأ مهما حاولوا أن يفرضوا واقعا جديدا ستظل فلسطين عربية من بحرها إلى نهرها هذه ليست مجرد عبارة عاطفية بل تعبير عن حقيقة تاريخية وجغرافية لا يمكن تزول وليعلم الجميع أن الاحتلال إلى زوال وأن الشعب الفلسطيني مصمم على كنسه إلى مزابل التاريخ وأن الدولة الفلسطينية ستقام وعاصمتها القدس الشريف