انور ابو الخير يكتب : لحظة من فضلك أيها المرشح

5 Min Read
ktab

 

لحظة من فضلك أيها المرشح قبل أن تقدم اوراقك للترشح لمجلس النواب القادم وقبل
أن تتخذ قرار الترشح وقبل أن توزع صورك وابتساماتك في الشوارع وقبل أن تجهز اليافطات والشعارات خذ لحظة من الصمت لحظة صادقة تسأل فيها نفسك هل أنا جدير بتحمل مسؤولية الوطن والمواطن؟ هل أنا أستحق أن أكون نائبا الشعب في برلمان مصر؟
إن قرار الترشح للبرلمان ليس شأنا شخصيا
ولا بابا للوجاهة أو الثراء أو النفوذ بل هو قرار وطني تتعلق به مصائر الشعب وتبنى عليه آماله وقد يترتب عليه مستقبل أمة بأكملها
أيها المرشح المحتمل
فإذا كنت تعتقد أن مقعد البرلمان سيمنحك فرصة لتسليط الضوء على اسمك أو تلميع صورتك فأنت ترتكب خطيئة في حق وطنك وشعبك وتخون الأمانة قبل أن تمنحها
وإذا كنت تعتقد أن أموالك كفيلة بحجز المقعد مسبقا فأنت تعلن ضمنيا أنك ستسترد أضعاف ما أنفقته من خلال طرق ملتوية على حساب الوطن والمواطن
وإذا كنت تخطط لاستخدام الاساليب المتلوية المشروعة وغير المشروعة والدين والمال السياسي الفساد كوسيلة لخداع البسطاء فأنت لا تمثل الإيمان بل تستغله ولا تخدم الناس بل توهمهم بالخداع والنصب وهذا قمة النصب والاحتيال السياسي
وإذا كانت عصبيتك الحزبية والقبلية أو وجاهتك الاجتماعية هي سلاحك في السباق فأنت بعيد كل البعد عن الدولة المدنية التي يطمح إليها المواطن وعن وعي اللحظة الوطنية التي يعيشها
وأنا هنا أثمن ما اتخذته مؤسسات الدولة المعنية من خطوات جادة لتنظيم العملية الانتخابية وإحكام الرقابة على مساراتها
ولأكون صريحا لو كان الأمر بيدي لجعلت اختيار كل المرشحين يتم من خلال الأجهزة الوطنية المعنية وحدها لا عن طريق التصويت العام
فالمواطن في ظل هذه المرحلة الدقيقة مازال تحكمه معايير نمطية وأدوات متهالكة قائمة على الدين والمال السياسي والانتماء الحزبي والقبلي دون أن يلتفت إلى أصحاب الفكر والرؤية والثقافة
وهنا تكمن خطورة ترك حرية الاختيار الكاملة لمجتمع لم يشف بعد من أمراض الوعي السياسي في توقيت تمر فيه مصر بتحديات مصيرية
ومن الصدق أن نقول إن تكوين البرلمان الحالي لدورتة البرلمانية المنتهية كان سببا رئيسيا وحيويا في تعقيد الملفات الكبرى التي تواجهها الدولة سواء في الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو الثقافة أو العدالة الاجتماعية فقد افتقدت عملية التكوين إلى التنوع والتنسيق، ولم تراعِ ضرورة اختيار من يمتلكون الرؤية الحقيقية والفهم العميق للتعامل مع هذه الملفات المصيرية وهنا تبرز أهمية أن يمتلك النائب وعيا استراتيجيا يرتبط ديناميكيا بواقع دائرته
فالبرلماني الحقيقي ليس مجرد ناقل لمطالب الناس بل مفكر وقائد رأي قادر على فهم خريطة الموارد والفرص داخل دائرته من ثروات طبيعية أو موقع لوجستي أو فرص استثمارية أو طاقات بشرية كامنة لاختيار
نائب يتعامل مع دائرته كملف تنموي يبحث عن فرص حقيقية للنهوض بها ويملك من المهارات والمرونة ما يجعله قادرا على بناء وصلات قوية بين دائرته وصنّاع القرار في الدولة لا أن يكتفي بالمطالبة أو الصراخ أو الشكوى
فالنائب الناجح هو من يصنع من تمثيله السياسي رافعة تنموية تستثمر الموقع والصوت والسلطة في خدمة الناس لا في خدمتهم ومصالحهم الشخصية وشعاراتهم الفضفاضة فقط
وأتمنى أن يكون تكوين البرلمان القادم من رجال يمتلكون الوعي والرؤية والقدرة على تفكيك طلاسم كثير من الأزمات التي تدور داخل دائرة ضيقة وتكاد تختنق بها الدولة والمجتمع معا
فالبرلمان ليس مضافة اجتماعية ولا صالة مجاملات بل مؤسسة تشريعية تراقب وتحاسب وتشرع
البرلماني الحقيقي ليس من يملأ الشاشة صخبا بل من يملأ ملفات الوطن فهما ووعيا وحلولًا
فنحن نحتاج إلى نائب يرى أبعد من صندوق الانتخابات ويفكر أعمق من مصالحه الضيقة ويستشعر ألم المواطن لا جيب المستثمر ويخدم الوطن لا حزباً وفصيلًا ولا جماعة أو عائلة
إن البرلمان اليوم في حاجة إلى رجال دولة لا رجال مصالح ودعاية يحتاج إلى ضمائر حية
لا أصوات مرتفعة يحتاج إلى وعي عميق لا شعارات مكررة
فهل تملك أيها المرشح هذه المؤهلات؟
هل تجرؤ أيها المرشح على أن تكون نائبا للوطن، لا نائبا لنفسك ومصالحك؟
فإن لم تكن مستعدا لذلك فالرجاء لا تترشح
فالوطن والمواطن تعب من امثالكم وأرهقته الخيبات

Share This Article
- Advertisement -